ترامب "يؤجّج" التوتر وسط اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين في لوس أنجلوس

أعمال الشغب في ولاية كاليفورنيا الأميركية مستمرة لليوم الثالث على التوالي احتجاجاً على اعتقال مهاجرين. ما آخر المستجدات؟

  • أعمال الشغب مستمرة في لوس أنجلوس
    اشتباكات بين قوات إنفاذ القانون والمتظاهرين في حي كومبتون في لوس أنجلوس، 7 حزيران/يونيو 2025 (أ ف ب)

أحرق متظاهرون أميركيون سيارات واشتبكوا مع الشرطة في مدينة لوس أنجلوس، أمس الأحد، وسط انتشار قوات الحرس الوطني التي أرسلها الرئيس دونالد ترامب، بينما تستمر أعمال الشغب في الولايات المتحدة الأميركية لليوم الثالث على التوالي احتجاجاً على اعتقال مهاجرين.

أعمال الشغب مستمرة

واشتعلت النيران في ما لا يقل عن 3 سيارات ذاتية القيادة تابعة لشركة وايمو" بعد ظهر الأحد، وتعرّضت اثنتان أخريان للتخريب، فيما تجوّل المتظاهرون في منطقة محدودة وسط مدينة لوس أنجلوس.

وتوقّفت حركة المرور على طريق سريع رئيسي لأكثر من ساعة، فيما احتشد عشرات الأشخاص على الطريق، وقام رجال هيئة الطرق السريعة في كاليفورنيا بإبعادهم باستخدام القنابل الصوتية والدخانية.

وأقام ضباط شرطة لوس أنجلوس خطوطاً على مسافة من المباني الفيدرالية، ما منع الاحتكاك بين المتظاهرين الغاضبين وعشرات من أفراد الحرس الوطني المسلحين.

إصابة مصور بريطاني بنيران الشرطة الأميركية

وخلال الاحتجاجات، أُصيب المصور البريطاني نيك ستيرن (60 عاماً) الذي يعيش ويعمل في الولايات المتحدة الأميركية منذ 18 عاماً برصاصة في ساقه أطلقتها الشرطة، وخضع لعملية جراحية، وفقاً لتصريحه لصحيفة "التايمز" البريطانية.

وقال ستيرن للصحيفة: "كنت أحمل بطاقة صحافية حول رقبتي، وكاميرا كبيرة، وكاميرا فيديو.. كنت أحرص على أن أكون مرئياً لوسائل الإعلام، ثم شعرت بألم شديد يصيب ساقي. شعرت بالانهيار فوراً، وشعرت بورم كبير.. جاء المتظاهرون للمساعدة... ثم فقدت الوعي".

واتهم ستيرن الشرطة المحلية بأنها أصابته بطلق ناري، وأضاف: "كان من المفترض أن يطلقوا النار على الأرض أمام الناس، لا أن يستهدفوا أفراداً، لكن هذه الرصاصة أصابتني مباشرة. لم تكن هناك مجموعة لتتفرق في تلك اللحظة، ولا أستطيع تفسير سبب إطلاقهم النار أصلاً".

ويعتقد الأطباء أن ستيرن أُصيب في فخذه برصاصة إسفنجية عالية السرعة من عيار 14 ملم، وفق "التايمز".

اقرأ أيضاً: الولايات المتحدة: اشتباكات في لوس أنجلس بعد مداهمات الهجرة واعتقال العشرات

"ترامب يؤجج التوتّرات"

وكان من المتوقّع أن تثير عمليات الدهم التي بدأت في وضح النهار في مدينة تضم عدداً كبيراً من السكان من أصل لاتيني ردود فعل غاضبة، لكن معارضين يقولون إن ترامب الذي جعل من القضاء على الهجرة غير الشرعية ركيزة أساسية في ولايته الثانية، كان يؤجّج التوتّرات عمداً بنشره الحرس الوطني في كاليفورنيا، وهو جيش احتياطي عادة ما يأتمر بحاكم الولاية.

وكتب حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم في منصة إكس: "لم تكن لدينا مشكلة حتى تدخّل ترامب".

ورأى أن ذلك "يعد انتهاكاً خطيراً لسيادة الولاية... إذ يؤجّج التوتّرات فيما يتم سحب الموارد حيث هناك حاجة إليها. ألغوا الأمر. أعيدوا السيطرة إلى كاليفورنيا".

ترامب ينشر الحرس الوطني

وتعهّد ترامب بأن يفرض الحرس الوطني "القانون والنظام"، تاركاً الباب مفتوحاً أمام إمكانية نشر جنود في مدن أخرى.

وعندما سئل عن استخدام الحرس الوطني، ألمح إلى امكان نشر القوات على نطاق أوسع في أجزاء أخرى من البلاد.

وقال للصحافيين إن القوات المرسلة إلى مدينة لوس أنجلوس ستفرض "قانوناً ونظاماً قويين جداً"، لافتاً إلى أن "هناك أشخاصاً عنيفين، ولن يسمح لهم بالإفلات من العقاب".

ورداً على سؤال بشأن تفعيل "قانون التمرد" الذي يتيح نشر القوات المسلّحة لقمع احتجاجات، قال ترامب: "ننظر بشأن القوات في كل مكان. لن نسمح بحدوث ذلك في بلدنا".

وقالت القيادة الشمالية في الجيش الأميركي، وهي جزء من وزارة الدفاع، إن "نحو 500 من مشاة البحرية (...) على أهبة الاستعداد للانتشار إذا لزم الأمر لتعزيز ودعم" العمليات الفيدرالية الجارية.

وتتم الاستعانة عادة بالحرس الوطني (وهو جيش احتياطي) لدى وقوع كوارث طبيعية على غرار حرائق لوس أنجلوس، وأحياناً في حالات الاضطرابات المدنية، لكن ذلك يقترن إجمالاً بموافقة المسؤولين المحليين.

الديمقراطيون يندّدون بخطوات ترامب

وفي إثر ذلك، ندّد حكام ولايات أميركية ينتمون إلى الحزب الديمقراطي بنشر ترامب قوات الحرس الوطني في لوس أنجلوس.

وأشار الحكام، في بيان مشترك أمس الأحد، إلى أن الصلاحية في هذا الشأن تعود إلى حاكم الولاية، مشيرين إلى أن هذا التحرك "يعد إساءة استخدام للسلطة تنذر بالخطر".

اقرأ أيضاً: ترامب يوقّع مذكرة لنشر 2000 فرد من الحرس الوطني في لوس أنجلُس على خلفية الاحتجاجات

ساندرز يحذّر من الاستبداد

من جهته، حذّر  السيناتور الديمقراطي بيرني ساندرز، من انزلاق الولايات المتحدة نحو الاستبداد.

وقال ساندرز في حديثه إلى شبكة CNN يوم الأحد: "لدينا رئيس يدفع البلاد بسرعة نحو الاستبداد... على حد علمي، لم يطلب حاكم كاليفورنيا، عمدة مدينة لوس أنجلوس، الحرس الوطني، لكنه يعتقد أن له الحق في فعل أي شيء يريده".

وأضاف: "إنه يقاضي وسائل الإعلام التي تنتقده، ويلاحق مكاتب المحاماة التي لديها عملاء كانوا ضده، ويلاحق الجامعات التي تُدرّس مقرّرات لا تعجبه، ويهدّد بعزل القضاة الذين يحكمون ضده، ويغتصب سلطات الكونغرس الأميركي".

وتابع مهاجماً ترامب: "هذا الرجل يسعى للاستيلاء على كل السلطة. إنه لا يؤمن بالدستور ولا بسيادة القانون".

وفي إشارةٍ إلى مجلس النواب ومجلس الشيوخ اللذين يهيمن عليهما الجمهوريون، قال ساندرز إن مستقبل الولايات المتحدة "يعتمد على عدد قليل من الجمهوريين في مجلس النواب ومجلس الشيوخ الذين يعرفون بشكل أفضل، والذين يعرفون ما هو الدستور".

ولفت إلى أن "الوقت حان للدفاع عن الدستور الأميركي وسيادة القانون".

دعم جمهوري لخطوات ترامب

في المقابل، أكد جمهوريون وقوفهم إلى جانب ترامب في رفض تصريحات لحاكم كاليفورنيا نيوسوم وغيره، من المسؤولين المحليين الذين اعتبروا أن الاحتجاجات سلمية بغالبيتها، وأن نشر الحرس الوطني من شأنه أن يفاقم التوترات.

وقال رئيس مجلس النواب مايك جونسون لشبكة إيه بي سي: "لست قلقاً بشأن ذلك على الإطلاق"، لافتاً إلى أن نيوسوم "أظهر عجزاً أو عدم استعداد للقيام بما يقتضيه الأمر هناك. لذاـ تدخّل الرئيس".

وتعليقاً على تلويح وزير الدفاع بيت هيغسيث بالاستعانة بمشاة البحرية (المارينز) لمؤازرة الحرس الوطني، قال جونسون إنه لا يرى مبالغة في ذلك، مضيفاً: "علينا أن نكون جاهزين للقيام بما يلزم".

"إهانة شديدة.. وتكتيك ترهيبي"

ورأى متظاهرون، في تصريحات لوكالة "فرانس برس"، أن القوات لم يتم إرسالها لحفظ النظام. وقال المتظاهر توماس هينينغ: "أعتقد أنه تكتيك ترهيبي".

وأكد أن "الاحتجاجات سلمية... مع ذلك، فإن عناصر الحرس الوطني موجودون مع مخازن ممتلئة وبندقيات كبيرة حول المكان في محاولة لترهيبنا ومنعنا من ممارسة حقوقنا التي يكفلها التعديل الأول" للدستور.

وقالت المتظاهرة إستريلا كورال إن متظاهرين عبروا عن غضبهم من توقيف عمال مهاجرين كادحين لم يرتكبوا أي خطأ على يد عناصر ملثمين تابعين لسلطات الهجرة، وتابعت: "هذا مجتمعنا ونريد أن نشعر بأننا بأمان".

ورأت "أن نشر ترامب الحرس الوطني يثير السخرية. أعتقد أنه يصعّد".

وعبّر المتظاهر مارشال غولدبرغ (78 عاماً)، في تصريح للوكالة، عن شعوره بالإهانة الشديدة بسبب نشر أفراد الحرس الوطني.

وأردف قائلاً: "نحن نكره ما فعلوه بالعمال غير المسجلين، ولكن هذا ينقل الأمر إلى مستوى آخر من سلب الحق في الاحتجاج والحق في التجمع السلمي".

تأييد طفيف لسياسات ترامب بشأن الهجرة

وأوضح الناشط الأميركي كينيث روس الذي كان يرأس منظمة "هيومن رايتس ووتش"، أنها المرة الأولى منذ العام 1965 ينشر رئيس الحرس الوطني دون طلب من حاكم الولاية.

ورأى أن ترامب "يقوم باستعراض ليواصل مداهمات الهجرة".

وأظهر استطلاع لشبكة" سي بي أس نيوز" أجري قبل احتجاجات لوس أنجلوس أن هناك غالبية طفيفة من الأميركيين الذين ما زالوا يؤيّدون الحملة ضد الهجرة.

"المهاجرون ليسوا مجرمين"

ودافعت رئيسة المكسيك كلاوديا شينباوم، أمس الأحد، عن المهاجرين المقيمين في الولايات المتحدة.

وقالت شينباوم إن "المكسيكيين الذين يعيشون في الولايات المتحدة هم (...) رجال ونساء نزيهون ذهبوا للبحث عن حياة أفضل وتأمين حاجات عائلاتهم. هم ليسوا مجرمين".

ومنذ توليه منصبه في كانون الثاني/يناير، شرع ترامب في تنفيذ تعهده اتخاذ إجراءات صارمة ضد دخول المهاجرين غير المسجلين الذين شبههم بـ"الوحوش" و"الحيوانات"، وأعلن تجميد بعض طلبات الإقامة الدائمة (المعروفة بتعديل الوضع القانوني) بصورة مؤقتة، في خطوة قد تؤثّر في آلاف الأشخاص الذين دخلوا إلى الولايات المتحدة الأميركية كلاجئين أو طالبي لجوء.

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية قد نشرت تقريراً، في أواخر كانون الثاني/يناير الماضي، تحدّثت فيه عن أكبر عملية ترحيل "للمهاجرين غير الشرعيّين" في التاريخ الأميركي، والتي وعد بها ترامب، وبموجبها، سيتمّ ترحيل نحو مليون مهاجر خلال السنة الأولى من ولايته.

اقرأ أيضاً: حاكم كاليفورنيا يتهم ترامب بمحاولة زعزعة الاستقرار في لوس أنجلوس

اخترنا لك

OSZAR »