أربعون وبعد... الحلقة الخامسة
أربعون وبعد، شهادة توثيق، لمقاومة إنطلقت بالحدّ الأدنى، وإنتصرت بجدارة الحدّ الاقصى.. حلقات، تنطلق من حديث نادر للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله. يعرض للمرة الاولى, قاله قبل نحو عشرين عاماً.. نستعيده في الذكرى الأربعين لإنبعاث حزب الله المقاومة، والذكرى الثلاثين لإختيار السيد نصر الله قائداً للمسار والمسيرة..
نص الحلقة
<p>أربعون وبعد - الحلقة الخامسة</p>
<p> </p>
<p> </p>
<p>غسان بن جدو: مشاهدينا المحترمين سلام الله عليكم. في هذه الحلقة الأخيرة من أربعون وبعد، وأذكّر هنا أننا نستعيد مقابلاتٍ مع السيد حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله أُجريَت قبل نحو عشرين عاماً أو أقلّ بقليل، في هذه الحلقة نتناول وفاة الرئيس حافظ الأسد وماذا قال سماحته في حينه، نتحدث عن انتخاب الرئيس بشار الأسد والعلاقة معه، عن الرئيس إميل لحود، وع القضية الفلسطينية والانتفاضة، وعن المقاومة، مع بعض الخلاصات.</p>
<p>أما عن رحيل الرئيس حافظ الأسد فقد سألت السيد حسن نصرالله عن وقعه لديهم، وكانت إجابته.</p>
<p> </p>
<p> </p>
<p>"غسان بن جدو: بعد انتصار حزب الله والمقاومة الإسلامية في لبنان بالتحرير حصل شيء أعتقد أنه كان مريعاً هو وفاة الرئيس حافظ الأسد، هل أنّ وفاة الرئيس حافظ الأسد شكّلت لشخصكم صدمة خاصة ودفعت بكم الى التخوّف على مستقبلكم بعد هذه الوفاة أم لا؟</p>
<p> </p>
<p> </p>
<p>السيّد نصرالله: بالدرجة الأولى بالتأكيد كان فقدان الرئيس حافظ الأسد الراحل الكبير في تلك المرحلة هو خسارة كبيرة، ونحن نفهم قيمة هذا الرجل في معادلة الصراع العربي الإسرائيلي من خلال التجربة، من خلال المعاناة الميدانية، ونحن خلال عشرين سنة نقدّر ما فعله هذا الرجل لمشروع المقاومة في المنطقة والصمود، وأنا شخصياً عشت تجربتين شخصيتين سواءً في تموز 93 وصولاً الى عندما توصلنا الى تفاهم تموز، أو في عناقيد الغضب 96، ومثلاً بالتحديد في عناقيد الغضب 96 لأنّ المعركة كانت أصعب، شعرت بمدى حرص الرئيس حافظ الأسد على استشارتنا والأخذ برأينا والحفاظ على المقاومة ومشروع المقاومة، معنويات المقاومة، انتصارات المقاومة، وأنا أقول لك بكل صدق الرئيس الأسد عمل وأنجز كل ما فيه مصلحة المقاومة وكل ما طلبته المقاومة، يعني في كل المفاوضات التي كانت تحصل في دمشق كنّا نُسأل وكان يؤخَذ برأينا، ليس فقط كنّا نُستَشار، يعني مرة واحد يستشيرك لكن بالنهاية يفعل ما يريد، كان يؤخَذ برأينا حتى في النصوص، وطبعاً هذا كان يحصل في الخلف، بالنهاية لم نكن طرف في المفاوضات، حتى في النصوص، أي نص يمكن أن يؤذي المقاومة معنوياً أو نفسياً أو ميدانياً كان يمكن أن يُعطَل لأيام والرئيس الأسد يحرص على ألا يرد على النص.</p>
<p> </p>
<p> </p>
<p>غسان بن جدو: يعني حصل في عناقيد الغضب مثلاً؟</p>
<p> </p>
<p> </p>
<p>السيّد نصرالله: طبعاً، في عناقيد الغضب حصل فيه، ما فرق تفاهم نيسان عن تموز؟ تفاهم تموز "جنتلمان"، حكي، لكن تفاهم نيسان خطي يعني مكتوب في ورق، طبعاً لا توقيعات لكن هناك نص مكتوب يُحتكَم إليه، عندما كانت تجتمع لجنة تفاهم نيسان فكانت تعود الى هذا النص وتحتكم إليه.</p>
<p>أعود وأقول أن فقدانه كان خسارة كبيرة لكل مشروع الصراع العربي الإسرائيلي، وسوريا صمدت، حتى في مواجهة التسوية وبعد مدريد وبعد أوسلو وبعد كل الضغوط، رفضت أي صلح منفرد، وأنا أعرف أنّ هذا هو موقف سوريا. </p>
<p>لكن طبعاً أنه لم نُصَب بالخوف أو بالهلع بالنهاية هذا الموت مكتوب على الجميع، الرئيس الأسد كان يُتوقَّع له من قبل الدوائر الأميركية والإسرائيلية أن يموت قبل ذلك بسنوات طويلة، وسمعنا وقرأنا أنهم كانوا حتى كثير من الوفود الأميركية التي كانت تأتي إليه كانت مهمتها استطلاع وضعه الصحي، نحن لم نكن قلقين كثيراً لمرحلة ما بعد الرئيس حافظ الأسد لأنّ الأمور كان واضح في أي اتّجاه تسير في سوريا، وكنّا في زمن الرئيس حافظ الأسد على اتصال مباشر مع الدكتور بشار الذي أصبح رئيساً للجمهورية، ونعرف أنّ الدكتور بشار عقله وفهمه والتزامه وخطه السياسي في هذه المسألة في الحقيقة كوالده، وأنا قلت في بعض المناسبات أن حافظ الأسد عاد جديداً، عاد شاباً اسمه بشار الأسد. لذلك لم نكن قلقين، لكن أنه خسارة نعم الكل يسلّم أنها خسارة كبيرة أصابت دعني أقول مشروع الصمود والمقاومة في مواجهة الضغوط والشروط الإسرائيلية.</p>
<p> </p>
<p> </p>
<p>غسان بن جدو: لماذا سماحة السيد اندمجت الكيمياء بشكل سلس بينكم وبين الرئيس إميل لحود؟</p>
<p> </p>
<p> </p>
<p>السيّد نصرالله: في السياسة نحن مفتاحنا هو المقاومة، لأن مشروعنا الأساسي هو المقاومة، وعندما كنّا نتحدث عن أن أولويتنا المقاومة نحن في عشرين سنة أثبتنا أنه نعم أولويتنا هي المقاومة، طالما تحمّلنا جراح في الداخل، في 13 أيلول نحن ذُبحنا في الشارع ولم نحرّك ساكناً، نحن خلال عشرين سنة ظُلمنا في لبنان وما زلنا نُظلَم في لبنان بمعايير كثيرة وعديدة، يعني مثلاً من المفيد أن يعرفوا في العالم العربي والمستمعين عموماً أن حزب الله الذي يُنسَب إليه بدرجة كبيرة، لا أريد أن أقول كاملة، فضل تحرير لبنان وهذا العز والشموخ الذي حصل عليه لبنان، هو الآن مثلاً في كثير من إدارات الدولة إذا تعرف أن هذا الشخص من حزب الله تُعطَّل معاملاته ولا يتعاطون معه كمواطن عادي، ونحن كنّا نقول لإدارات الدولة والحكومة نحن لا نريد مكتسبات، نحن نقول عاملوا أفرادنا وقواعدنا ومن يؤيدنا كمواطنين لبنانيين، تعاطوا معهم كمواطنين ولا تتعاطوا بخلفية وسلبية، ومع ذلك نحن غالباً ما نسكت ولا نحرّك ساكناً في هذا الأمر. أولويتنا المقاومة وقدمنا الدماء في المقاومة، قادتنا، أولادنا، أحباءنا، أعزاءنا في المقاومة، بات مفهوماً أن هنا القصة الأساسية لنا.</p>
<p>العماد إميل لحود هذا الموضوع يفهمه جيداً، وطبعاً في 93 صار شيء هو بالحقيقة تسبب بعلاقة الود هذه، في النهاية الموضوع لا يأتي من كلام ومشاعر ومجاملات، بلد فيه قتال ومقاومة واستهداف، في 93 في أيام معارك تموز، ما سُمّي بمعركة تصفية الحساب الإسرائيلية وصمدت المقاومة وصمد الشعب اللبناني كان هناك مناخ رسمي في لبنان، بل كان هنالك قرار حتى لا أخفف الموضوع، قرار حكومي بإرسال جيش الى جنوب لبنان، الآن للأسف مضطرين أن نتكلم لأننا نتكلم تاريخ، ربّما لو كانت مقابلة سياسية للحظة الراهنة أنا أتجنب هذا الموضوع، صار هناك قرار رسمي حكومة بإرسال الجيش الى جنوب لبنان، يعني الى المنطقة التي تقاتل فيها المقاومة، والانتشار بمحاذاة الجيش الإسرائيلي المحتلّ، وأُبلغ العماد لحود وكان قائداً للجيش أن عليك أن ترسل الجيش اللبناني الى هناك والمقاومة إذا رفضت اخلاء نقاطها ومواقعها تتعامل معها بالقوة، حتى سمعنا بأنه قيل له يمكنك أن تستخدم قاذفات اللهب، يعني احرقهم ولا تقتلهم بالرصاص، هذا كان مؤلم جداً بالتأكيد لنا، والأمر لا يُنسى، يمكن أن نسكت عنه لكن هو جرح حتى ولو لم يحصل شيء من هذا. </p>
<p>بكل الأحوال، بمعزل عن قاذفات اللهب من المؤكّد أن هناك قرار رسمي اتُخذ بإرسال الجيش الى تلك المنطقة والتصادم مع المقاومة وتحقيق الهدف الإسرائيلي، يعني ما عجزت إسرائيل عن تحقيقه خلال سبعة أيام كان مطلوباً من الجيش اللبناني أن يفعله وبقرار رسمي لبناني. </p>
<p>أنا ممكن أن أقول شيء يُقال أنه يثبت تدخل سوري في لبنان معروف أن سوريا تتدخل في لبنان، الذي عطّل هذا القرار الرسمي اللبناني على المستوى السياسي هو الرئيس حافظ الأسد، الآن إذا أراد الأميركان محاسبته فلا يستطيعون الآن محاسبته، خلاص، لكن هو تدخل وعطّل هذا القرار، يعني اتصل بمسؤولين لبنانيين ماذا تفعلون؟ </p>
<p> </p>
<p> </p>
<p>غسان بن جدو: عفواً، وكأنك توحي سماحة السيد بأنّ للولايات المتّحدة الأميركية وقتذاك دور في قرار الحكومة اللبنانية.</p>
<p> </p>
<p> </p>
<p>السيّد نصرالله: طبعاً، وقتذاك حصلت اتصالات أميركية لبنانية وبات هناك شيء من التزام من هذا النوع، بأن يتوقف الموضوع ونحن نرسل الجيش ونضمن الأمن على الشريط الحدودي المحتَلّ، وإذا المقاومة لا تريد الالتزام ستُضرب المقاومة. هذه من الصفحات السوداء في تاريخ بلدنا.</p>
<p>أنا طبعاً أتمنى ألا يكون هذا صحيح، وأتمنى أن يقول مسؤولون لبنانيين أن هذا غير صحيح وقدّموا أدلّة، لكن طبعاً تعرف بلدنا لا أسرار فيه، في لبنان كل شيء معروف ومحكي، لمّا حكومة يكون فيها ثلاثين وزير سيكون فيها سرّ؟ وكله يتكلم وينقل. </p>
<p>فيومذاك العماد إميل لحود قائد الجيش رفض تنفيذ هذا القرار وقال أنا لا أنفّذ، أنا سأرسل لكم استقالتي وإذا أردتم محاكمتي فحاكموني، بالنهاية قائد جيش ويرفض قرار سياسي، يذهب الى المحكمة العسكرية أو يقبلون استقالته ويعينون قائد جيش ثاني لينفّذ، لم يقدروا، هذا موضوع كبير، حرب مندلعة وقائد الجيش يستقيل أو يتحول الى محكمة عسكرية هذا يتسبب بضجة كبيرة في البلد لم يكونوا قادرين لهذا الموضوع. لذلك هدأت المسألة وصارت مجموعة اتصالات سياسية وكذا. </p>
<p>من يومها بدأ ودّ كبير ولا يخفى هذا الأمر تطوّر من خلال الأداء، التعاون بين المقاومة والجيش، في كل العالم التيار الإسلامي، أي في أماكن كثيرة الجيش هو رأس الحربة في مواجهة أي تيار إسلامي، في لبنان الجيش والمقاومة يتعاونان، وهي ليست تيار إسلامي بل مقاومة إسلامية مسلّحة ويوجد تعاون ولو بما ينسجم أنهم جيش دولة ونحن مقاومة شعبية. بالتأكيد قائد الجيش الذي كان العماد إميل لحود وقتذاك كان له تأثير كبير على هذا المناخ.</p>
<p>الى أن رُشّح لاحقاً لرئاسة الجمهورية ونحن ممن انتخبه لرئاسة الجمهورية. وكانت علاقة طيّبة، وطوال كل السنين الماضية حصل تحوّل في الموقف الرسمي، يعني كانت المقاومة تقاتل في الخط الأمام وتخشى من الحماية الرسمية السياسية، أنه قد يخرج موقف أو بيان فيه إضعاف أو كشف لظهر المقاومة، لكن العماد لحود في فترة رئاسته للجمهورية في سنوات المقاومة تلك كان دائماً موقفه السياسي وخطابه السياسي مناسباً بل متقدماً، يعني أحياناً كان يسبق حتى الخطاب السياسي للمقاومة نفسها، وهذا معروف، أنا أذكر أنه في مرة من المرات عندما قصف الإسرائيليون مكان هدف مدني أو بنية تحتية في لبنان فالعماد لحود شخصياً بلسانه كان بلقاء صحافيين وهدد بالردّ بالكاتيوشا على العدو الإسرائيلي، طبعاً هو لا يقصد أن الجيش اللبناني سوف يقصف بالكاتيوشا مما يعني المقاومة بالتحديد، ولكن هذا بحدّ ذاته أن رئيس جمهورية يقول نحن سنردّ بالكاتيوشا ويتحدث بلسان حال المقاومة فهذا كان تطوّر مهم.</p>
<p>هذا كله عزز الثقة والعلاقة مع الرئيس لحود."</p>
<p> </p>
<p> </p>
<p>غسان بن جدو: هذا الكلام الإيجابي الكبير الذي يستحقه الرئيس إميل لحود عن جدارة بلا شكّ، بالمناسبة هو لا يعرفه ولم يسمعه حتى لم أذكره له مطلقاً، وهذا الكلام أذكّر أنه كان قبل عشرين عاماً وليس بعد حرب تموز حيث الموقف التاريخي الوطني الكبير والشامخ للرئيس الاستثنائي إميل لحود.</p>
<p>نعود من البداية مع وفاة الرئيس حافظ الأسد، في الحقيقة وبشفافية هنا أقول أن العلاقة بين حزب الله ودمشق مرّت بفترات ومراحل مختلفة كان فيها مطبات، ربّما لم يكن سهلاً أن تتوثّق علاقةٌ بين دمشق وحزب الله بشكل مباشر بمعزل عن الحليف الإيراني، بمعنى أن سوريا في بداية انطلاق المقاومة الاسلامية كانت علاقاتها بشكل كبير وثيقةً وممتدّةً أكثر مع المقاومة الوطنية ومع الحركة الوطنية ومع حركة أمل ومع كل هذه الأطراف التي كانت صديقة لها قبل أن ينطلق حزب الله، لم يكن سهلاً أن ترتبط دمشق العلمانية والمدنية مع تيار إسلامي لا سيّما وأنها كانت في حربٍ مع الاخوان المسلمين في النصف الأول من الثمانينيات، خصوصاً أن الاخوان المسلمين في ذلك الوقت حملوا السلاح ضد النظام وضد الدولة في سوريا. الحليف الايراني المشترك لعب دوراً كبيراً في التقريب بين الجانبين، هذا في البداية طبعاً أتحدث. بعدها لم تتوثّق العلاقة فقط بين حزب الله ودمشق بل باتت في ذروتها بتصنيف الرئيس الأسد حزب الله حليفاً استراتيجياً لسوريا وضمن سياق المقاومة وربّما كأكبر حليفٍ عضويٍ لإيران بلا شك. لعلّ محطة عناقيد الغضب تلخّص هذا الأمر.</p>
<p>هنا مفيد أن نشير الى دور الرئيس السوري حافظ الأسد في عناقيد الغضب، تحدّثنا لمماً عنها في الحلقة الماضية لكنني أجّلت الشرح أكثر حول دور الرئيس حافظ الأسد الى هذا الجزء بالحديث عن وفاته. ما تفضل به السيّد نصرالله من خفايا تكشف جوانب مهمةً من شخصية الأسد ومن كواليس المعركة والمفاوضات التي شهدتها دمشق في حينه، كان الرئيس الأسد يُدير المفاوضات على وقع الميدان ولم يكن يديرها على وقع السياسة أو التمنيات، ربّما أوضّح أكثر ما أود أن أقوله، حافظ الأسد كان يدير مفاوضات مع إسرائيل في ذلك الوقت، نذكر هو كان جزء من مفاوضات مؤتمر مدريد ولكن أيضاً استمرت المفاوضات المباشرة بين إسرائيل وسوريا برعاية الجانب الأميركي كلينتون بشكل مباشر. كان حصل الرئيس حافظ الأسد على ما سُمّيَت بوديعة رابين، تلك الوديعة التي تعهّد فيها رابين بالانسحاب الكامل من الجولان المحتل عام 67. ذُكر أيضاً في واشنطن لاحقاً أن بيريز تعهّد لكلينتون بالمضي فيها، بيريز لم يكن على علم بالمناسبة أنه كانت هناك وديعة لرابين للرئيس حافظ الأسد لكن قال بيريز بعد الانتخابات سنمضي فيها. ومع تقدّم حصولٍ جدّي في المفاوضات مع دمشق كان يمكن إذاً للرئيس حافظ الأسد أن يناور في عناقيد الغضب وأن يستغلّ عدوان عناقيد الغضب ليس لصالح المقاومة بل لصالحه من خلال خدمة بيريز بشكل ما، لم يحصل هذا، العكس تماماً هو الذي جرى، الأسر كان يضغط على بيريز بالمقاومة للحصول على مكاسب وليس العكس، لكن أقول أيضاً بالمقاومة وليس على حساب المقاومة. </p>
<p>السيد حسن ذكر كيف تعاطى وارن كريستوفر وزير خارجية بيل كلينتون في ذلك الوقت في بداية العدوان، يعني حين جاء الى دمشق فارضاً شروط إسرائيل بالكامل، شطب حزب الله، الى غير ذلك كما تفضّل سماحة السيّد، وليس أقلّ من طلب شطب حزب الله وإنهاء المقاومة، وانتقل وارن كريستوفر في ذلك الوقت الى اندونيسيا لحضور مؤتمرٍ ما تاركاً رقم هاتفه، يعني اتصلوا بي إذا كان عندكم شيء جديد، لكنه في الأسبوع التالي عاد مهرولاً نصرةً لإسرائيل بسبب المقاومة وبسبب دكّها المستعمرات في الجليل بالكاتيوشا، حافظ الأسد تعاطى معه بكل هدوءٍ وقتذاك وبلا انحناء، بل على العكس حين عاد كريستوفر وطلب لقاءً عاجلاً بالرئيس الأسد تزامن وقتذاك وصوله مع زيارةٍ رسمية لرئيسة الوزراء الباكستاني في حينه الراحلة بينظير بوتو، رفض الأسد إلغاء اجتماعاته معها ولا حتى إعطاء دقائق لكريستوفر على هامش أجندته أو حتى على هامش العشاء، ما أثار حفيظة كريستوفر، يعني جاء كريستوفر ونام ولم يلتقِ الرئيس الأسد، وكريستوفر لم يُخفِ غضبه وقال للأسد في اليوم التالي أنت أهنتَ أميركا بهذا الشكل، ألا تعرف أنك تتعاطى مع الولايات المتّحدة الأميركية؟! والرئيس الأسد وقتذاك أجابه أنتم لا تحترمون الزعماء الآخرين أي أنكم فقط الموجودين؟ عندنا ضيفة علينا احترامها.</p>
<p>في دمشق جرت المفاوضات، ركنان رئيسيان في هذه المفاوضات، الرئيس الأسد مفاوضاً باسم لبنان والمقاومة، والسيد نصرالله بصفته قائد المقاومة وصاحب الميدان والبندقية وكل شيء في حزب الله، كانت لقاءات تتمّ مع وزير الخارجية فاروق الشرع، من كواليس تلك الفترة بالمناسبة أنّه ما يجوز لنا وصفها نقلاً عن السوريين أنفسهم خلال السنوات الأخيرة، في الجناح الأميركي السعودي في دمشق أي بقيادة عبدالحليم خدام، أراد التشويش وأراد فرض شروطٍ تهويلية على حزب الله رفضها السيد نصرالله وهنا كان دور الرئيس بشار الأسد كنجلٍ لوالده حيث كان يوصل رسائل السيد حسن الخاصة والسرية للرئيس الأسد والتي ساعدت الأسد في مفاوضاته بشكل كبير وأحبطت مشروع تنازل المقاومة عن شروطها وعن حقوقها. </p>
<p>بالمناسبة، للرئيس حافظ الأسد أيضاً كان هناك قناة سرية بينه وبين قيادة حزب الله وهو الراحل باسل الأسد، وبعد وفاة باسل الأسد رحمه الله تولى هذه المهمة أيضاً الدكتور بشار الأسد من دون أن يكون إعلان عن هذا الأمر مطلقاً، المهم أنّ المفاوضات قد نجحت بتحقيق اتّفاق نيسان.</p>
<p> </p>
<p> مع كريستوفر كان أيضاً هيرفي دو شاريت وزير الخارجية الفرنسي، هرفي دو شاريت في الحقيقة جاء به الرئيس الشهيد رفيق الحريري رحمه الله، أولاً خدمةً لصديقه جاك شيراك وأيضاً برضاً سوري التي رأت دمشق في حضور فرنسا شريكاً رابعاً في الاتّفاق مكسباً دبلوماسياً للاتفاق وللبنان.</p>
<p>كان هناك أيضاً كل الوقت وزير الخارجية الايراني علي أكبر ولايتي الذي شكّل حضوره سنداً قوياً لحزب الله. </p>
<p>قبل التحرير بأشهر ذهب وفدان من حزب الله الى طهران، لأنني أتحدث الآن عن شخصية الرئيس حافظ الأسد، ذهب وفدان الى طهران، وفد من القيادة العليا ووفد من القيادة العسكرية مع الضباط من المقاومة، من النقاط التي تناولها حديث قيادة حزب الله مع السيد آية الله خامنئي كان موضوع الرئيس الأسد وما بعده، الحقيقة وقتذاك في المنطقة وفي العالم الكل كان يتحدث عن صحة الرئيس حافظ الأسد، كانت قيادة حزب الله تعرف الدكتور بشار الأسد وبينهما ثقةٌ كبرى كما أسلفت، ولكن قيادة حزب الله سألت رأيه ماذا بعد حافظ الأسد ولو بعد عمر طويل، لخّص آية الله خامنئي رأيه بالملف بكامله بقولٍ موجَز، إذا حصل مكروه للرئيس حافظ الأسد لا سمح الله فثقتنا كبرى أن هذا الشبل هو بالفعل من ذلك الأسد.</p>
<p>لعلّ أيضاً كلمة السيد نصرالله في رثاء حافظ الأسد رحمه الله تلخّص بدقةٍ رأي حزب الله فيه، ولا أزيد، لكن لعلّ العرض العسكري أو لنقل بدقّةٍ التحية العسكرية لكبار القادة وضباط حزب الله والمقاومة للرئيس بشار الأسد في القرداحة، أظنّ وقتذاك في الأربعين أو ما بعدها بقليل، هي أبلغ تعبير عن المسار الذي ستبلغه العلاقة بين سوريا وحزب الله، بلغ مستوى من الاعتماد الاستراتيجي عالي وموثوق بين دمشق وقيادة حزب الله.</p>
<p> </p>
<p> في حرب تموز أمدّ الرئيس بشار الأسد حزب الله بصواريخ الكورنيت التي لعبت دوراً مفصلياً في الحرب. في عشرية النار وما تعرَّضت له سوريا وشعبها ودولتها وقيادتها، بل وكيانها ككل حضارياً وثقافياً واقتصادياً وعمرانياً الى غير ذلك، كان حزب الله حاضراً ونعرف ماذا قام به وفاءً أخلاقياً ولكن أيضاً بل ربّما أساساً على قاعدة رؤية استراتيجية كانت تدرك أنّ الهدف الأساسي ليس إسقاط نظامٍ أو إسقاط رئيس، الهدف الأساسي هو تدمير سوريا وإخراجها من المعادلة العربية كلها، حتى وإن قبلت بشروط واشنطن وأتباعها في المنطقة.</p>
<p>أنا أقول هذا الكلام الآن بالمناسبة لأن سوريا الآن انتصرت في هذه الحرب، عندما أقول أنه كان هناك إدراكاً للرغبة في إخراج سوريا من المعادلة بالكامل، الآن سوريا انتصرت ومع ذلك يرفض بعض الأنظمة العربية عودة سوريا الى جامعة الدول العربية وحضور قمّتها استجابة لأمر الولايات المتّحدة الأميركية صحيح، ولكن أيضاً لأن هناك بعض الدول لا تريد لسوريا أن تعود ركناً أساسياً في المعادلة العربية. وكما قلت كان يمكن للأسد أن يقدّم أو يستجيب لشروط أميركا ولكنه لم يفعل، لم يفعل عن وعي وإدراك بحقيقة المؤامرة بمعزل هنا عن طلبات شعبية مشروعة غرقت للأسف في أدران النار والكارثة والتكفير الارهابي، هنا كان لافتاً بالمناسبة ما قاله السيد نصرالله مبكّراً جداً عن هذه الجماعات التكفيرية والتي جزم منذ البدء أنها أداة للاستخبارات الأميركية والدول الأطلسية وحتى دول خليجية، مجموعات سنية وأخرى شيعية أيضاً.</p>
<p>إذاً معارضة حزب الله للتكفيريين والجماعات التكفيرية منذ ابدأ كان على قاعدة سياسية استراتيجية وفكرية وليس على قاعدة مذهبية، بدليل أنه وضع الشيعة والسنّة من صنيع المخابرات في سلّةٍ واحدة.</p>
<p> </p>
<p> أما حول الرئيس إميل لحود فإنّ ما قاله فيه السيد نصرالله كان قبل حرب تموز وموقفه التاريخي والوطني الكبير، الجنرال لحود قائد الجيش أسقط مؤامرة داخلية ضد المقاومة حيث طُلب منه من قيادة السلطة ضرب عناصر حزب الله والمقاومة، والجنرال إميل لحود وقتذاك هدد بتقديم استقالته ورفض رفضاً مطلقاً أن يُطلق أوامر للجيش بضرب المقاومة. وكما قال السيد حسن نصرالله لو هذا الأمر حصل ربّما كنّا أمام حرب أهلية.</p>
<p>من هنا بالمناسبة، تعرّف الرئيس حافظ الأسد على الجنرال إميل لحود الذي لم يكن على علمٍ بالمؤامرة ضد المقاومة وقتذاك، مذّاك بدا أن الأسد وضع في ذهنه وفي عقله أن الجنرال لحود هو الرئيس المقبل، الرئيس لحود أثبت في مسيرته في الرئاسة أنه كان رجلاً شجاعاً وثابتاً وصلبا، في حرب تموز كان شريكاً فعلياً في الانتصار، تماماً كما الرئيس نبيه بري بلا شكّ الذي لم يكن في الحقيقة شريك، كان رئيسياً ومركزياً في نصر تموز بلا أدنى شك.</p>
<p>فقط ملاحظة هنا بمحبّة لحلفائه، لعلّ الرئيس لحود كان يستحقّ أكثر من القوى الوطنية ليغادر قصر بعبدا بإحاطة أكبر من قبل الحلفاء.</p>
<p> </p>
<p> في الجزء الثاني سوف نتحدث عن العلاقة بين المقاومة في لبنان وبين القضية الفلسطينية ككل وبين مقاومتها، فاصلٌ قصير نعود بعده لاستكمال الجزء الثاني والأخير من أربعون وبعد. </p>
<p> </p>
<p> </p>
<p>فاصل</p>
<p> </p>
<p> </p>
<p>غسان بن جدو: أهلاً بكم مشاهدينا الكرام. أنا أعود سادتي لأن هذا هو الجزء الأخير من حلقات أربعون وبعد للتوضيح أن سلسلة المقابلات هذه، أو سأوضحها الآن أكثر، في الحقيقة كنّا نريد أن نستكملها مع سماحة السيّد حسن نصرالله، هي تمّت كما قلت على دفعتين في 2002 و2003 ولكن بعدئذٍ داهمتنا ظروف اقليمية ودولية كبرى، من احتلال العراق، الى دور آخر لحزب الله، الى 1559، الى استشهاد الرئيس رفيق الحريري الى حرب تموز، وأصبح للسيد نصرالله وضعٌ آخر واستحقاقات أخرى وأيضاً مهمات أخرى، وأنا بكل صراحةٍ لم أجرؤ بعدئذ على الطلب أو التمني من سماحة السيد أن نستكمل تلك القابلات احتراماً لوضعه، لذا الآن نحن سنختم هذا الأمر، وهي خاتمة طبيعية بالمناسبة مع العلاقة بين حزب الله المقاومة وبين المقاومة الفلسطينية والقضية الفلسطينية وكان سؤالي هذا للسيد نصرالله. </p>
<p> </p>
<p> </p>
<p>"غسان بن جدو: إذا ذهبنا الى الجانب الفلسطيني هل درّبتم الفلسطينيين في السابق سماحة السيّد؟</p>
<p> </p>
<p> </p>
<p>السيّد نصرالله: نعم، نحن في ما يعني قتال إسرائيل اللبناني والفلسطيني الذين كانوا يباشرون ولا يزالون يباشرون قتال إسرائيل طبعاً كنّا ندرّبهم.</p>
<p> </p>
<p> </p>
<p>غسان بن جدو: من وكيف؟</p>
<p> </p>
<p> </p>
<p>السيّد نصرالله: من مختلف الفصائل، كيف؟ تدريب عسكري.</p>
<p> </p>
<p> </p>
<p>غسان بن جدو: وحتى غير الحماس والجهاد؟</p>
<p> </p>
<p> </p>
<p>السيّد نصرالله: الآن أي فصيل فلسطيني يقاتل إسرائيل سابقاً أو حالياً ويحتاج منّا الى تدريب كنّا ندرّبه، الموضوع ليس مشروط بالتيار الإسلامي، نحن نتعاون مع الجميع في هذا الموضوع. طبعاً تتفاوت حاجاتهم، ممكن أن يكون هناك فصيل غير محتاج.</p>
<p> </p>
<p> </p>
<p>غسان بن جدو: أكثر من مرة قدّمتم، لو صحّ التعبير، تحدثتم بما يُفهَم منه أنه وعود بتقديم دعم مباشر وعملي للانتفاضة الفلسطينية، لكن لم يُلاحَظ هذا الأمر.</p>
<p> </p>
<p> </p>
<p>السيّد نصرالله: هذا من الملفات التي للإعلام فيها مشكل، أنا سأضرب لك مثالاً. نحن نؤمن منذ البداية أن الانتفاضة يجب أن تستمر في الداخل والاستراتيجية هي استمرار الانتفاضة، لتستمر الانتفاضة، الانتفاضة الفلسطينية ليست بحاجة الى مقاتلين، يعني المطلوب أنا أرسل شباب الى غزة أو الضفة أو رام الله أو الخليل؟ لا، يوجد ما شاء الله وفرة من الشباب الفلسطيني المجاهد، شباب وصبايا فلسطينيون، للاستمرار هم يحتاجون طبعاً دعم معنوي، دعم سياسي، هذا شيء الإعلام يلعب دور أساسي فيه، محتاجون لدعم مالي، تسليح، وخبرة، هذه الأمور، الدعم المالي الذي هو في شقّه العسكري وفي شقّه الاجتماعي، وسلاح وخبرة. نحن المطلوب أن نساعد في هذا. في الموضوع الاعلامي، السياسي، المعنوي، الشعبي، حزب الله كله في خدمة الانتفاضة، تلفزيون المنار أنا قرأت بعض الدراسات الإحصائيات الأجنبية يعدّ ماذا يوجد من فضائيات عربية، يقول الفضائية اللبنانية كذا، الفضائية الأردنية كذا، يقول الفضائية الفلسطينية المنار، يعني التبس عليه الأمر أن هذا تلفزيون فلسطيني أو لبناني. </p>
<p>بمحاولة استنهاض الشارع خصوصاً في المراحل الأولى نحن اشتغلنا على هذا الموضوع بدرجة كبيرة جداً، في موضوع المال ما نستطيع أن نقدمه من مال نقدّم، طبعاً لا نصدر بيانات في موضوع المال. موضوع الخبرة والتدريب أي تدريب مطلوب منّا نقوم به، أي نقل خبرة هذا يحدث، تعرف في هذه الأيام وسائل الاتصال سهلة لنقل الخبرة والتجربة، لا مشكلة. الإسرائيليون يتهموننا في هذا الموضوع، نحن في الخط العريض نقول نعم نحن نقف الى جانب الانتفاضة ولا نتبرأ منها. </p>
<p>في موضوع السلاح نحن ما أعلنّا أننا قدّمنا سلاحاً، كنّا نقول يجب على الأمّة، يجب على الجميع أن يقدّموا مالاً وسلاحاً، لكن ما تحدّثنا عن أننا تقدمنا سلاحاً الى حين اعتقال الأخوة الثلاثة في الأردن، وقتذاك انكشف أنه يوجد شباب من حزب الله ومعهم سلاح واعتُقلوا في الأردن ظهر هذا. </p>
<p>اليوم الفرق عن أيام عمليات المقاومة أنّ في أيام المقاومة أنت تفعل أي شيء في الشريط الحدودي يمكنك أن تصدر بيان، بيان صادر عن غرفة عمليات المقاومة الإسلامية، لكن اليوم ما يمكن أن يفعله أو ما يمكن أن يقدّمه أو ما قدّمه حزب الله للانتفاضة في كل المجالات التي تحدثت عنها لا يمكنك أن تنزّل بها بيانات، أحياناً حتى إذا اتُهمت إما عليك أن تسكت، طبعاً أحياناً النفي يكون محرج إذا كان فعلاً لك علاقة وتريد أن تنفي، النفي فيه بعض الحرج الأدبي والأخلاقي، وإن كان في السياسة لها تخريجة. لكن اليوم الظروف الإقليمية والدولية لا تساعد حتى مَن يقف الى جانب الانتفاضة أن يقدّم تقريراً يومياً أو أسبوعياً أو شهرياً بما يفعله، يأتي يوم إن شاء الله تُفتَح فيه الملفات ويُقال أنه خلال سنتين أو ثلاث أو أربع من الانتفاضة حزب الله ما كانت علاقته بالانتفاضة وماذا قدّم فيها، نحن غير مستعجلون، نحن نريد أن نعمل في معركة وليس إعلام ولا مكاسب ولا طلب سمعة، أي ماذا يقول عنّا الناس أو لا يقولون.</p>
<p>أما في الوعد الكبير الذي تكلمت عنه أنا، قصة أنه يمكنكم أن تراهنوا علينا وكذا طبعاً هذا نمارسه، الآن حزب الله بكلّه وكلكله هو يقف الى جانب الانتفاضة، قلت سياسياً ومعنوياً ومالياً وتسليحياً، تدريبياً، نقل خبرة، تواجدنا أصلاً على الحدود التواجد الذي يتسبب، بدون أن نفتح الآن حرب، لكنه يتسبب بحالة استنزاف للإسرائيلي، كل مدة ومدة يستدعون الاحتياط وتكون حالة من استنفار عالي جداً وبالتالي الإسرائيلي قلق جداً من هذه، هناك بدون إطلاق نار بعض الأهداف تتحقق نتيجة تواجد المقاومة على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة.</p>
<p>أما في الموضوع الكبير المسمى بالتدخّل العسكري في الحقيقة هذا الموضوع إذا تتذكر أوّل ما أطلقته في ذكرى الشهيد السيّد عباس الموسوي رحمة الله عليه، قبل سنتين، وقلت أنّه إذا شارون يفكّر أن ينفّذ أعمال تهجير جماعي فالفلسطينيون ليسوا لوحدهم وهذا الموضوع لا يمرّ، لاحقاً أنا تكلمت عن تدخل مباشر، إذاً أنا من اليوم الأول لم أتكلم أنه مسموح قتل فلسطينيين أو هدم بيوت الفلسطينيين، البعض قد يفهم الموضوع هكذا، أي أنه إذا كان هناك عملية تهجير كبيرة تفتحون الجبهة، أقلّ من هذا لا بأس، ليس موضوع لا بأس، نحن في لبنان لعشرين سنة كنّا نقاتل، كانوا يهدمون بيوتنا وكانوا يهدمونها على رؤوس شبابنا ونساءهم وأطفالهم، وكان التهجير بشكل دائم وكان يسقط شهداء بشكل دائم ويُقتَل مدنيين بشكل دائم، نحن ارتاح المدنيون عندنا بعد تفاهم نيسان بنسبة معيّنة، لم نكن نستخدم كل إمكاناتنا، عندما تتكلم عن تدخّل عسكري مباشر يعني فتح جبهة يعني هذا آخر خرطوشة، هي الرصاصة الأخيرة، وغير معلوم هذا الى أين يأخذ المنطقة، إذاً هذا العنصر يجب أن تحتفظ به لردع ما هو أخطر، وإلا إذا استخدمته لما هو أقلّ خطورة يمكن أن يدفع العدو، بتعبير آخر إذا كانت الجبهة نريد استخدامها سلاح ردع لمنع التهجير الجماعي، فاستخدامها لهدفٍ آخر قد يدفع العدو، يقول إذا أنا أريد أن أهجّر من ماذا أخاف؟ فتح جبهة؟ ها هي فُتحَت، فلأُهجّر، فينقلب الموضوع على عكس الهدف. نحن في هذا الموضوع دقيقون جداً، ممكن في هذا الموضوع أحداً ما يزايد به، قلتم، وعدتم، صحيح أنا وعدت لكن أنا بماذا وعدت؟ يمكن العودة الى النصوص، الحمد لله كل شيء مسجّل ومأرشف والى آخره، في استشهاد السيد عباس في النبيشيت أنا حكيت عن فتح الجبهة، حتى لم أحكِ عن فتح الجبهة، قلت أن الفلسطينيين ليسوا لوحدهم، يعني أشرت الى الموضوع ولم أتحدث بصراحة عن فتح الجبهة، لكن لاحقاً تحدثت عن الموضوع وقت السور الواقي على ما أذكر. إذاً استخدام آخر إمكانات وكل إمكانات المقاومة يجب أن يكون في لحظة أنّه أيضاً الصراع في الداخل الفلسطيني وصل للنقطة الخطيرة والحاسمة والأخيرة، وإلا الاستعجال في استخدام آخر سلاح في الوقت الذي لم تصل فيه الأمور الى نهاية المطاف سوف يدفع الأمور بأن تصل الى نهاية المطاف وعلى خلاف مصلحة الانتفاضة، المهم أن تستمر الانتفاضة الآن. إذاً ما دون فتح الجبهة كل شيء يستطيع أن يقوم به حزب الله، بالمعلومات، أمنياً، عسكرياً، تدريبياً، تسليحياً، مالياً، هو يفعل ذلك بكل تأكيد ولا يتوانى. </p>
<p> </p>
<p> </p>
<p>غسان بن جدو: علاقاتكم مع الجهاد وحماس واضحة جداً ولكن يبدو في الانتفاضة رهانكم بات أكثر على شهداء الأقصى هل هذا صحيح؟ بمعنى علاقاتكم، امتدادكم مع فتح أكثر.</p>
<p> </p>
<p> </p>
<p>السيّد نصرالله: هذا غير صحيح، نحن في الموضوع الفلسطيني، لنكن جداً واضحين، من الأيام الأولى للانتصار تعرف بالنهاية نحن حزب الله عندنا إمكانات، يعني موقع معنوي عندنا، احترام، مودة في الشارع الفلسطيني يوجد، مال عندنا وسلاح عندنا وإمكانات عندنا، بحمد الله عزّ وجلّ، وإلا كيف قاتلنا عشرين عاماً! والساحة الفلسطينية تعودت من خلال أداء سنوات طويلة، عقود من الزمن، على تشكيلات جديدة، حتى على انشقاقات، يعني الفصيل يصبح اثنين، والاثنين يصبحا أربعة يكون منشأهم فصيل واحد، وهذا شيء عادي في الشارع الفلسطيني. جاءت رسائل من شباب فلسطيني وحتى من كادرات فلسطينية، وأحياناً كانوا يتكلمون على التلفزيونات هكذا، أنّه تفضلوا أسسوا فصيل جديد في الشارع الفلسطيني وقيادته هي حزب الله لبنان ونحن حاضرون أن نمشي معكم ونقاتل معكم ونكون تحت قيادتكم والى آخره، قرار حزب الله كان أنه لا نفعل ذلك، في الشارع الفلسطيني يوجد فصائل فلسطينية موجودة، حماس موجودة، الجهاد الإسلامي موجود، بقية الفصائل الوطنية موجودة، فإذا هذا الأخ الموجود في الداخل ويريد العمل معنا إذا كان اتّجاهه وطني يستطيع التعاون مع الفصائل الوطنية، وإذا كان اتّجاهه تيار إسلامي يستطيع التعامل مع حماس أو الجهاد، نحن ليس عندنا مشروع خاص في فلسطين، مشروع حزبي، مشروع فصائلي، مشروع تشكيلاتي، مشروع سياسي خاص أنه نريد شيء داخل فلسطين، مشروعنا أن يتمكّن الشعب الفلسطيني من تحرير أرضه من خلال مقاومة العدو واستمرار الجهاد والمقاومة الانتفاضة، وبالتالي كل فلسطيني بمعزل حتى عن خلفيته العقائدية أو الفكرية أو التنظيمية أو الحزبية يمكن أن نتعاون نحن وإياه بما أعطانا الله سبحانه وتعالى بدون أي تحفّظ، ولذلك معروف الآن ويمكنك أن تسأل حتى في الفصائل، أنه مثلاً لأن هذا الفصيل هو تيار إسلامي ونساعده بشيء معيّن أو شيء قادرون أن نعطيه إياه، إذا كان هناك فصيل وطني يأخذ منّا نفس هذه الإمكانات ويفعل نفس هذا الجهد لا نعطيه إياه أو نعطيه أقلّ لأن هذا فصيل وطني من غير الاتّجاه الإسلامي، هذا غير صحيح. </p>
<p>في الموضوع داخل فلسطين المحتلة، أي فصيل، أي مجموعة، أي تشكيل، نحن نتعاون مع الجميع طبعاً ضمن حاجة الإخوة لنا، بعض الفصائل قد تكون حاجتهم لنا أقلّ، ربّما لا يكون عندهم حاجة مالية لنا، ربّما لا يكون عندهم حاجة تسليحية لنا لأن إمكانات الفصائل أيضاً هي إمكانيات متفاوتة، لكن نحن نراهن على الجميع، لنا علاقة مع الجميع، نحبّ الجميع، ندعم الجميع، نؤيد الجميع وليس لنا مشروعاً خاصاً."</p>
<p> </p>
<p> </p>
<p>غسان بن جدو: بالمناسبة هذا التقسيم بين التيارات الاسلامية المقاومة والتيارات الوطنية المقاومة هو تقسيم منهجي بالمناسبة وليس أكثر، يُفترَض بشكل طبيعي وآلي وفطري أن يكون كل إسلامي مقاوم هو وطني، ويُفترَض أن يكون كل فصيل وطني لا عداء له مع الاسلاميين. لكن على كل حال الخاتمة طبيعية لهذه الحلقات أن تكون مع القضية الفلسطنية والثورة والمقاومة.</p>
<p>أولاً لم يتعاطَ حزب الله مع المقاومة الفلسطينية إلا على قواعد مواجهة الاحتلال، السيد حسن أوضح هذا الأمر، لم يتدخل في أي خلافات داخلية، تعامل بكل صدق وبكل كتمان، وبصراحة تعامل بكل تواضع مع القوى الفلسطينية المقاومة كلها بدون استثناء، وإذا أنصتم الآن الى القادة الفلسطينيين طبعاً حماس والجهاد يتحدثان ولكن أيضاً القوى الفلسطينية الأخرى في معظمها تتحدث دائماً بشكلٍ موضوعي وصادق عن علاقتها مع حزب الله ودور حزب الله، ليس فقط كما قلت حماس والجهاد كفصيلين إسلاميين، من يقول إن حزب الله يُقيم تحالفات على قواعد مذهبية أو دينية فهو يجافي الواقع كلياً.</p>
<p>المهم، أين وصلت هذه العلاقة الآن؟ هذا ما يعنينا الآن، لقد أصبحت في مرحلةٍ أكثر من متقدمة، بتنا في غرف عمليات مشتركة، هكذا كان بالمناسبة خلال العدوان الاسرائيلي على غزة عام 2008-2009، هكذا كان بأكثر قوّة وشراكة فعلية في سيف القدس، ألم يقل القائد الفلسطيني الحمساوي الكبير السيد يحيي السنوار إن غرفة عملياتٍ مشتركة كانت في الضاحية مع غزة وكانت باتّصال مباشر وتنسيق بلا انقطاع مع حزب الله وأيضاً مع حرس الثورة الاسلامية في إيران!</p>
<p>من هنا أدخل الى كلمة حول حرس الثورة، لقد بدأنا الحلقات أيها الأعزاء بتوضيح دور الحرس الايراني في دعم المقاومة في لبنان، تلك مسيرةٌ لم تتوقف على مدى أربعين عاماً بكل الامكانات العسكرية والمالية وغيرها، الأمر ذاته مع المقاومة الفلسطينية لم تتوقف لحظة واحدة، أبداً، وربّما من أهم ما سمعناه للحقيقة عن هذا الدور لحرس الثورة من قبَل القيادات الوطنية الفلسطينية وليس من قبل حزب الله هو بعد استشهاد القائد الكبير الحاج قاسم سليماني رحمه الله. حتى في أحلك الظروف بالمناسبة وأعقدها سياسياًّ ومالياً لم يتوقف الدعم ولا يوماً واحداً من قبل إيران وحرس الثورة للمقاومة الفلسطينية، أنا عندما أقول سياسياً ومالياً لأنّه مررنا خلال السنوات الأخيرة بمطبات سياسية وبخلافات سياسية جدية مع بعض فصائل المقاومة، وفي الوقت نفسه العقوبات والحصار الكبير على إيران التي خصوصاً بعد مجيء ترامب لم يسبق لها مثيل في التاريخ، وبالتالي إيران كانت تعيش ضائقة مالية ومع ذلك يقول قادة المقاومة الفلسطينية كلها إن المساعدات الايرانية استمرت عن طريق طبعاً حرس الثورة، من خلال، أنا قلت هذه المطبات من خلال الأزمة المؤسفة بين حماس مثلاً وقوى حور المقاومة بسبب الموقف من سوريا، لم تتوقف العلاقة أبداً بين حرس الثورة وكتائب القسام، استمر الدعم العسكري والمالي بلا توقف، كان هنا كما قلت للشهيد قاسم سليماني ومعاونيه الرئيسيين الدور البارز والكبير في هذا النضج وطريقة التعاطي مع المقاومة الفلسطينية ومع أي فصيل يمكن أن يكون معه خلاف، وطبعاً هذا بإشراف القيادة الايرانية وخاصة آية الله خامنئي، هذا إنطلاقاً مماذا؟ انطلاقاً كما بدأت أول حلقة من أربعون وبعد، انطلاقاً من هذا العمق الاستراتيجي ومن الايمان المطلق بالقضايا وبالمقاومة، حيث لم يخلطوا هذا بذاك، وقدّموا مصلحة المقاومة ضد الاحتلال على أي اعتبار آخر.</p>
<p> </p>
<p> أما عن حزب الله والسيد نصرالله تحديداً، فإن العنوان الذي يمكن أن نختم به حلقاتنا وبكلمة بسيطة هو عنوان الثبات الاستراتيجي، حزب الله نموذج في الثبات الاستراتيجي، الفكري والسياسي والاستراتيجي والأخلاقي والميداني، لم ينقلبوا، لم يغيّروا، لم ينحرفوا عن خياراتهم، لم ينحرفوا عن أخلاقهم السياسية وعن قيم الوفاء والشجاعة، حزب الله بات قوةً اقليميةً وعربيةً وفلسطينيةً وأمميةً بفعل ثباته الاستراتيجي هذا.</p>
<p>أربعون وبعد يستحقّ الكثير الكثير من الكلام، أنا قلت اليسير منه، لكنني أقول الآن يجب أن نتركه لأصحابه الفعليين وليس لنا نحن المراقبين، ونقول اليوم لصاحب الأربعين ولصاحب الثلاثين كلامٌ في الأربعين قريباً، وقريباً جداً بإذن الله. في أمان الله.</p>